Beautiful design and easy to use
سورة النّور سـورة النّور سـورة مدنيّة من المثاني، نزلت على النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بعد الهجرة الشّـريفة إلى المدينة المنوّرة، وهي تحتل المرتبة الرّابعة والعشرين من مجمل عدد سور القرآن الكريم البالغة أربع عشرة سورة بعد المئة، وتقع السورة في الجزء الثّامـن عشـر من إجمالي عـدد أجزاء القرآن الكريم البالغة ثلاثين جزءًا، وتمتـدّ آياتها بين الحزبين الخامس والثلاثين، والسـادس والثلاثين من أحزاب القرآن البالغ عددها سـتين حزبًا؛ إذ تقع آياتها العشرون الأولى في الربع الرابع من الحزب الخامس والثلاثين، بينما تقع بقية الآيات في الجزء السادس والثلاثين، وتنتهي عند نهاية الربع الثالث منه.[١] فوائد قراءة سورة النّور لا بدّ أن نشير في فوائد قراءة سورة النور إلى أن الهدف الأسمى، والغاية القصوى التي تسعى التربية الإسلامية إلى تحقيقها هي الوصول بالمتعلم إلى أعلى درجات الرقي الحضاري، وهذا أمر لا يمكن بلوغه إلا من خلال بناء الشخصية المتوازنة المرتبطة بالخالق، والكون، والإنسان والحياة، وعلى هذا قام الخطاب التربوي القرآني في عملية بنائه وتهذيبه للشخصية الإنسانية عمومًا، والإسلامية خصوصًا.[٢] ولعل القارئ المتدبر لسورة النور يلمس ذلك بوضوح؛ فالمحور الذي تقوم عليه السورة هي التربية، وتجليات ذلك واضحة في ثنايا السورة، فهي تحتوي على العديد من الأحكام، والآداب النفسية، والأسرية، والاجتماعيّة، كقواعد احترام حرمة المنازل، وتسلط الضوء على الكثير من السّلوكيّات الخاطئة وتصححها بأسلوب تربوي يقوم على الحزم والشدة التي تصل إلى درجة التخويف بإقامة الحدود بما لها من قوة رادعة زاجرة لنوازع الشر في نفوس المخاطبين، وفي نفس الوقت نراها ترقّ إلى درجة تجعل القلب متصلًا بأنوار الله سبحانه وتعالى، والهدف في الحالتين واحد، وهو تربية الضمير، ورفع مستوى أخلاق الفرد حتى يصل إلى الدرجة التي يحبها الله ويرضاها للإنسان المسلم السويّ ذي الشخصية المتوازنة التي تتداخل فيها تربيته النفسية مع تربيته الاجتماعية، بوصفهما نابعتين من معين واحد، وهو العقيدة الإسلامية. ولذلك عُدت سورة النور من أهم السّور التي تناولت قضية التربية المجتمعيّة للنشء، إذ ينصح بتعليمها للأبناء حتى يتأدّبوا بأدب القرآن الكريم، ويتخلّقوا بأخلاقه، وينهلوا من معين فوائده النفسية والروحية والاجتماعية المتنوعة. الفوائد الاجتماعية اهتمت سورة النور بقضية التربية الاجتماعية اهتمامًا كبيرًا، فقد تحدثت عن الكثير من السلوكات الاجتماعية السلبية، وعملت على التنفير منها لما لها من دور سلبي في التأثير على السلم المجتمعي عمومًا، فالسورة تحمّل الفرد المسؤولية الكاملة في المجتمع التي ينبغي أن يتعايش فيه الأفراد بسعادة وأمان، ولذلك شرّعت العقوبات لمن يتعدى على الأعراض، وينتهك الحرمات؛ صونًا للمجتمع المسلم من التفكك والفساد. ومن ذلك الجانب يمكن الوقوف على العديد من الفوائد نجملها بما يلي:[٣] النهي عن الزنا، والابتعاد عنه، وإقامة الحد على من يرتكب هذا الإثم بصرامة، ودونما رأفة أو تهاون، فهو جريمة أخلاقية اجتماعية ينبغي أن يعاقب مرتكبها عقابًا شــديدًا مخزيًا، وهو جلد البكر مئة جلدة بلا رحمة، ولا أدنى رأفة عملًا بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّه}[٤] [ النور:2] النّهي عن قذف المحصنات المؤمنات الغافلات، وتضمن أيضًا النّهي عن إطلاق الإشاعات التي ليس لها أي أساس من الصحّة، أو المساعدة في نشرها، وتوجيه للمسلمين إلى حسن الظّن بالناس، والابتعاد عن سوئه، وهذا يستفاد من ذكر حادثة الإفك، وتبرئة أمّ المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ ممّا قذفها به المنافقون، ففي هذه الحادثة درس للمسلمين بعدم الخوض بأعراض النّاس ذكورًا أو إناثًا؛ لأنّ مثل هذه التصرّفات تهدم المجتمعات وتفكّكها، وتكون سّببًا في مشاكل اجتماعيّة قد تكون دامية. التّشديد على إقامة حدود الله سبحانه وتعالى، خاصّةً فيما يتعلّق بالزّنا وقذف المحصنات؛ لما يترتّب عليهما من اختلاط الأنساب، وانتشار الفاحشة في المجتمع، فإقامة الحدود، وتنفيذ العقوبات واجب على الأمة الإسلامية لا ينبغي التهاون فيه