الرسل فضّل الله -سبحانه- بعض الأنبياء على بعض، بدليل قوله -سبحانه-
الرسل فضّل الله -سبحانه- بعض الأنبياء على بعض، بدليل قوله -سبحانه-: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)،[١] وأولو العزم على القول المشهور لأهل العِلم هم: محمّد -عليه الصّلاة والسّلام-، وأنبياء الله نوح، وموسى، وإبراهيم، وعيسى -عليهم السلام-.[٢] فيما يأتي بيان أهمّ خصائص وفضائل أولو العزم من الأنبياء -عليهم السلام-: نوح عليه السلام نوح -عليه السلام- هو أوّل رسولٍ بعثه الله -تعالى- بعد نبيّه آدم -عليه السلام-، وقال العلماء إنّه سُمّي بهذا الاسم لِكثرة بُكائه، ولُقّب بأبي البشرية الثاني، حيث امتازت دعوته بشمولها لجميعِ مَن كان في زمانه. لِذا ذكر الله -تعالى- قِصَّته وطريق دعوته في عِدّة مواضع من القرآن الكريم، وخَصّ سورةً كاملةً للحديث عن ذلك، فأصبحت دعوته منبراً ونبراساً لكلِّ مَن أراد خوض طريق الدّعوة؛ لِكثرة ما تحويه من الدروس والعبر،[٣] لا سِيما وأنّه قد استمرّ في دعوة قومه قرابة ألف سنة دون التواني في ذلك ليلاً أو نهاراً، سرَّاً أو جهراً. قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ).[٤][٥] وهناك العديد من الفضائل لِنوح -عليه السلام- منها ما يأتي:[٦] مَنَح الله -تعالى- نوحاً -عليه السلام- قوّةً لم تنقص أو تقلّ رغم العمر الطويل الذي عاشه. بالغ نوحٌ -عليه السلام- في دعوته ولم يُثنِه عنها ما تعرّض له من الضرب والشّتم ومختلف ألوان الأذى. حيث قال الله -تعالى-: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا).[٧] جَعَل الله -تعالى- نوحاً -عليه السلام- النبيّ الثاني في الميثاق والوحي بعد رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث قال -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ)،[٨] وقوله -تعالى-: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ).[٩] حَفِظ الله -تعالى- نوحاً -عليه السلام- من الغرق وحفظ كلّ مَن كان معه في السفينة. سمّى الله -تعالى- نوحاً -عليه السلام- عبداً شكوراً، قال -تعالى-: (ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلنا مَعَ نوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبدًا شَكورًا).[١٠][١١] ابراهيم عليه السلام هناك